الحمد لله الذي خلقَ السماواتِ والأرضَ وجعلَ الظلماتِ والنور، الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريكٌ في الملكِ ولم يكن له وليٌ من الذلِّ، ونصلي ونسلم على أشرف الخلق سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد،
فإنه في الآونة الأخيرة قد طَفَت على سطح المجتمع فئة تحاول الظهور وسلب الأضواء عنوة، وقد كنا نود أن نصرف القلم عن نقل مثل هذا السخف، ونصون صفحات الانترنت من أن تنقل شيئاً من الزيغ والإلحاد في آيات الله، والاعتداء على علماء الإسلام الذين رفعوا منار الحق وأذاقوا بحججهم أعداء الإنسانية عذابا أليماً؛ ولكن دعاة هذا المذهب قد استهوَوْا فريقاً من أبناء المسلمين، وأصبحوا يدعون إلى مذهبهم في النوادي، ويتحدثون عنه في الصحف والفضائيات، وألّفوا كتباً تقع في أيدي بعض الشباب فذلك ما اضطرنا إلى أن نبسط القول في بيان نحلتهم وسرد أقوالهم حتى يكون المسلمون على بينة من أمرهم، لذا رأينا أن نكشف ما بهم من زيف حتى نصون الأجيال القادمة من هذا الضلال ونحصنهم منه حتى لا يصابوا بسمومه.
ولا ننسى أن الذي ساعد البهائية على أن تستهوي فريقا من المسلمين تظاهرها بأنها فرقة إسلامية، واحتجاجها بالقرآن والحديث، وكتمها بعض معتقداتها المنكَرة على البداهة، وعدم انتشار كتبها، فكثير من أهل العلم لم تصل إليهم كتب هذه الطائفة حتى يستبينوا منها حقيقة نحلتهم ويحذروا الناس من الوقوع في شراكهم.
هذا غيض من فيض، وقليل من كثير، أردنا أن يكون عوناً للمسلم المعاصر على ما يرى ويسمع من تلك الترهات والخزعبلات التي يتقيؤها هؤلاء النفر الذين ضلت عقولهم وقلوبهم، وصاروا أداةً للشيطان يُضِل بها الذين في قلوبهم زيغ، ومن لم يتمكن الإيمان من قلوبهم.
إننا نتكلم عن البهائية اليوم لنظهر حجم المؤامرات التي تحاك للأمة الإسلامية، والتي تدبر لها بليل، ونشير في وضوح وجلاء لتلك الأصابع الخفية التي تعودت اللعب في الظلام، والكيد من خلف الأستار، ونوضح نوع هذه المؤامرات، وشكل تلك الدسائس ونقف على أسلوب تفكيرهم، وطريقة تدبيرهم حتى لا ننشغل بتوافه الأمور، ومحقرات الأعمال التي تستنفد كل الطاقات، وتشغل كل المجهودات، وهى في حقيقة أمرها لا تزيد عن بعض فقاعات الهواء التي سرعان ما تبتعد عن الأنظار، وتتلاشى عن الأعين.
إن الذين يهَوِّنون من خطرها ويقللون من شأنها، ولا يلقون بالاً لتدميرها لأبسط قواعد العقيدة ومحاولاتهم تغيير العبادة الصحيحة، ودأبهم المتواصل نشر الإباحية الصريحة بين المسلمين، هم أناس واهمون لا يعلمون شيئا عنها، ولم يقفوا على حقيقتها، ولم يتعرفوا على أهدافها؛ فهم أشبه بالسوس الذي ينخر في كيان الأمة، وجسد المجتمع، وكلما زادوا زادت خطورتهم وقويت شوكتهم وعظم أمرهم، وتكالبوا على قوة المسلمين فأضعفوها، وعلى أعراضهم فنهشوها، وعلى عقيدتهم فحطموها وغيَّروها.
وإننا نرى أن الوسيلة المثلى لمحاربة مثل هذا الوباء ليس الإعراض عنه أو تحقير شأنه، أو تركه وإهماله، بل لابد من فضح أمره، وتحذير العامة منه وإظهاره للجميع على هيئته الحقيقية التي يجهلها الناس، ولا يعرفها حتى صفوة المتعلمين والمثقفين، خاصة أننا نجد كثيراً من أصحاب الأهواء والمصالح من لهم مصلحة في إيجاد مثل هذه الدعاوى المارقة، التي تتسرب بين العامة كالوباء المستطير، لضرب بعض الحركات الإسلامية أو إضعاف التيارات الدينية المستنيرة، وإقامة المعارك و الصراعات بينهم حتى ينشغلوا عن عظائم الأمور ولا ينتبهوا إلى حقيقة الأعداء الذين يخططون للقضاء عليهم والسيطرة الكاملة على مقدراتهم.
نحن لا نطارد البهائية والبهائيون ولكنها هي التي تطاردنا؛ فَهُم يريدون أن يسلم لها كل أتباع الأديان ويتبعوا عقيدتها التي لا تؤمن بالله وتريد أن تتخلى الجيوش عن أسلحتها وتكف عن المقاومة تحت دعوى نشر السلام العالمي؛ حتى يسهل على جيشها اقتحام البلدان وحكم أهلها كقطعان الماشية وانطلاقا إلى هذا الهدف تريد أن تقوض أسس الأديان السماوية تحت دعوى نبذ الاختلاف والفرقة. ونحن المسلمون نؤمن أن الاختلاف سُنَّة الله في الأرض {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} هود118
ونحن نقول الاختلاف وليس الفرقة والتناحر والبغضاء والحروب.
وأخيراً وليس آخراً فإن الأمة الإسلامية تُختبَر كل حين وآخر في عقيدتها ومدى تمسكها بدينها وحفاظها عليه، والله عز وجل هو المطلع على القلوب، وهو الذي يعلم خائنه الأعين وما تخفى الصدور.
{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت2-3
واللهَ نسألُ أن يقيض للأمة الإسلامية من يأخذ بيدها إلى طريق العزة والكرامة، وأن يعيد إليها هيبتها ومكانتها، ومن يصون لها دينها وعقيدتها، ويبعد عنها كل حاقد لئيم.
إنه سبحانه هو القادر على ذلك وهو خير مسئول.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين